2/7/2017
ضريبة ان تكون عربيا | جيهان مطراني
ان تكون عربيا من بين طياتها الاستبداد و الرّق مع ابتسامة لا تفارق المحيي حيث غموض سر هذه الأخيرة يمكن أن يتجلى في غفلة ، تغاضي ، تعايش أو فشل بررناه نحن العرب و أخفيناه في جملة 'قدر الله و ما شاء فعل ' .
أن ترضى العيش في القعر و تحن لزمن العلماء في القرون الوسطى ، حيث أن بشهادة المؤرخين و الباحثين الأمريكيين : العلوم العربية كانت الأكثر تقدما في العالم حتى نحو القرن الثالث عشر ميلادي ، و من تم أصبحنا نحتل و نرضى بالمراكز المحاذية للصفر .
وكم من آهات تسمع عند ذكرك يا بغداد ، يا مؤوى المهندسين و المترجمين و مركز العلم و العلماء ، لماذا ذبلت و أفسحت المجال لبوسطن لتأخذ علمائك ، شهرتك و مصداقيتك؟ فلتشرقي يا شمسا غربت بعدما أنارت العالم ، و لترجعي لنا معك همتنا التائهة .
ضريبة أن تكون عربيا هو أن تؤدي فاتورة التأشيرة لتعبرإلى مصر و قطر و تتعجب للخط المرسوم الفاصل بين بلجيكا و هولندا ، أن تتأمل أنك يمكن أن تفطر في اسبانيا و تعزم على وليمة عشاء في فرنسا ، لا صعوبات ستواجهك و لا إجراءات أوراق ستعيق سفرك . إذن فشتان من يعتبر الإتحاد قوة و من كالأحمق يداوي الجرح منفردا .
أتستوعب أن الفتيات السوريات القاصرات يبعن في الأسواق لرجال في عمر أبائهن و أجدادهن بدون شفقة و لا رحمة بمصيرهن . وأن القطط و الكلاب أصبحت تشتهى ، و اللحم هو تلك العملة الصعبة المنال في بعض الدول العربية . أن الطفل ايلان لم يغير الا صور بروفيلات العرب على مواقع التواصل الاجتماعي ، بقميصه الأحمر و سرواله الأزرق ، هكذا ملقى ميتا على شاطئ في تركيا . لم يزلزل كيان أحد غير أنه أكد شيئا واحدا لا ثاني له : ضمير العالم قد انتحر و محاولة إنقاذه قد باءت بالفشل ، رقد لا صحوة له بعد الآن .
أتعلم أنك تعيش و أنت تراقب زهرة و برعم شبابك يفقد لونه و يذبل ، مكتوف الأيدي تتقبل أن تهان في المشافي ، أن ترضى بالبطالة رغم نيلك لأعلى الشواهد في خريف وطن لن يزهر أبدا لاتخاذه المذلة شعارا . أن تتأكد أن لا مستقبل لك إلا في و مع الهجرة إلى أوطان تقدر مواطنيها ، رغم أنانيتها و تسليها بإضرام النار و خلق الدمار مكتفية بالوقوف جانبا متلذذة بوديان الدماء ، و قتل الأبرياء ، مستغلة ثروات الدول العربية . أن تتوق لسماع أستاذ ينادي طلابه بمستقبل البلاد ، يحفزهم بأن معهم و بهم سيزدهر العالم ، لمللك سماع أنه لا كسر في تعلمك أو لا ، فلن يغير ذلك شيئا من راتب من يدرسك .
أن تتفكر فلسطين الأبية ، و تعرف أنها في حال لا تحسد عليه ، يعرى أبناؤها ، يؤسر رجالها و ييتم أطفالها و يشيخ الرضع بالهم و الحزن . أن يفوز بأحسن مصور في العالم من اختار الحرب وجهته ، يصور أبشع الجثث و كرونولوجية قتلهم مع التركيز على ملامح الوجه و الخوف الذي ينتابهم لحظات قبل لفظ انفاسهم الأخيرة .
فخزي أن تكون عربيا و أنت تنام اليوم بجله لتحلم بالرفعة و القمة . أن تدمن المواقع و تقبل أن تدرس الجهل و الاستحمار في تعليمك العالي ، أن لا تتفكر الأصل في الهبوط إلى القعر و أن تنتظر الشخص المعجزة الذي سيغير حال الأوطان العربية إلى الأفضل ، متناسيا أن التغيير منك سيبدأ .
ضريبة أن تكون عربيا هو أن تعيش أسيرا و أنت حر طليق ، أن تعتاد على الأغلال الوهمية و لا تحدث أنت التغيير .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
مقال رائع يصور حالة الانسان العربي المقهور.. مسيرة علمية موفقة صديقتي
ردحذفكمال
و لا اروع حبيبتي مسيرة موفقة ��
ردحذف